في ظلال طوفان الأقصى “44” كالأغبياء سنستدرجكم ورمال غزة ستبتلعكم بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

في ظلال طوفان الأقصى “44”

كالأغبياء سنستدرجكم ورمال غزة ستبتلعكم

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

الأولى قالها بخبرةٍ ودرايةٍ أبو حمزة، الناطق الرسمي باسم سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، والثانية رددها بثقةٍ ويقينٍ أبو عبيدة، الناطق الرسمي باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وكأنهما كانا عارفين بما سيجري على الأرض، وبالأحداث التي ستقع في شوارع قطاع غزة، وبالمعارك التي سيخوض غمارها رجال المقاومة، والملاحم البطولية التي سيسجلونها في الميدان، والفخاخ التي سينصبونها، والكمائن التي سيعدونها.

كما كانوا عالمين بسلوك جيش الاحتلال المغرور بالقوة، والمدعي التفوق، والمستند إلى غطاءٍ جويٍ كثيفٍ، وقصفٍ مدفعي بعيدٍ من البر والبحر، والذي يتقن جنون الخراب وسعار التدمير، ويهوى القتل ويستعذب حروب الإبادة، وينفذ أبشع المجازر وأفظع المذابح، التي لم يشهد التاريخ الحديث مثلها، ولم تعهد البشرية جرائم تشبهها، في محاولاتٍ يائسةٍ منه لتحقيق نصرٍ على المدنيين، وغلبةٍ على المواطنين، في الوقت الذي عجز فيه وما زال عن مواجهة المقاتلين، وتجنب اقتحامهم المفاجئ وهجومهم المباغت، والنجاة من كمائنهم المتقنة، وفخاخهم المموهة، التي ألحقت بجنوده وضباطه خسائر كبيرة، شهد عليها إعلامهم، وفرضت تعتمياً عليها قيادة أركان  جيشهم.

كأن ما يجري على أرض قطاع غزة جزءٌ من مقولتهما، ومصداقٌ لتوقعاتهما، فقد أظهرت الأحداث على مدى الأيام، وليس آخرها ما جرى في منطقتي خانيونس والوسطى، أن المقاومة برعت في استدراج جنود الاحتلال، وعرفت كيف تسوقهم إلى مضاجعهم، وتقصفهم في مكامنهم، وتقنصهم في مواقعهم، ودأبت على نصب الفخاخ لهم، ونجحت في الإيقاع بهم واصطيادهم مرةً تلو أخرى، وكأنهم لا يتعلمون من أخطائهم، ولا يستفيدون من تجاربهم، ويعيدون تكرار الأخطاء ذاتها في صيرورةٍ لا تفسير لها إلا الغباء أو العمى، والجهالة أو ضحالة التجربة، والغرور القاتل أو الاستعلاء المميت.

ظن جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي تدرب طويلاً وتأهل كثيراً، وأجرى المناورات ونفذ السيناريوهات، أن مهمته في قطاع غزة ستكون سهلة، بعد أن دمر مبانيه وقتل عشرات الآلاف من أهله، وقصفه بآلاف الأطنان من المتفجرات، وأطلق عليه آلاف الصواريخ وألقى على ساكنيه آلاف القنابل، فاعتقد واهماً أن الطريق ستكون أمامه سهلة معبدة، وآمنة رخوة، وأنه لن يجد أمامه صعاباً ولا عقبات، ولن يواجه تحدياتٍ ولا مواجهاتٍ، وسيتمكن من تحقيق أهدافه بسهولة، والعودة بجيشه وأسراه من قطاع غزة إلى ثكناته ومستوطناته، ولن يكون مضطراً للقتال كثيراً أو البقاء في القطاع طويلاً.

لكنه أدرك بعد فوات الأوان أن أرض القطاع سبخةً وليست لينة، وأنها عميقة وليست ضحلة، وأن رماله الناعمة تسوخ فيها الأقدام، ويدفن تحتها الجنود كما تهوي الجيوش في أعماق البحار وتغرق، وأنه كما وعدهم أبو عبيدة في أكثر من كلمةٍ وخطاب، أن رمال غزة ستبتلع جنودكم، وستبدد أحلامكم، وستطوي ملككم وستنهي كيانكم، وأن ما بعد طوفان الأقصى ليس كما كان قبله، وما رأيتموه ليس إلا بداية النهاية، ولن تكون لكم القدرة على طي الصفحة والانتقال إلى اليوم التالي إلا بإرادة المقاومة وشروطها.

كما أدرك أن الفلسطينيين رجالٌ شجعانٌ، ومقاتلون أشداءٌ، وأنهم صُبرٌ في المعارك، وأُسُدٌ في الميدان، وأنهم يعرفون كيف يستدرجون فريستهم، ويصطادون طريدتهم، ويوقعون بعدوهم، وينالون منه وهو يظن أنه الأقوى والأكثر تحصيناً، ولعل مناطق الشمال التي أعلن أنه “طهرها” وسيطر عليها، و”نظفها” وقضى على المقاومة فيها، واعتقد أنه لم يعد لها فيه وجودٌ، فلا سلاح ولا أنفاق، ولا صواريخ ولا منصات، قد أذاقته المر صنوفاً، وجرعته السم زعافاً، وانطلقت الصواريخ من مناطقها المختلفة وأحيائها المدمرة، وطالت شماله البعيد في تل أبيب، ووسطه في أسدود وعسقلان، كما أطرافه في الجنوب ومستوطنات الغلاف.

رغم أن الجرح غائرٌ، والدم النازفَ ناعبٌ، والخسائر كثيرة، وأعداد الشهداء في تزايدٍ مستمرٍ، والدمار شامل والخراب كبير، والعدو كما الفيل الأعمى يدوس ويدمر، ومثل الثور الأهوج يجوس ويخرب، والعالم معه يصطف ومعه ينحاز، إلا أن هذا الشعب الصابر المعطاء، البطل المقدام، المضحي المحتسب، سيؤتى أجره، وسينال حقه، وسيصل إلى مبتغاه، وستتحقق نبوءة رجاله ومقولة رواده، أن المقاومة ستستدرج العدو إلى مضاجعه، وأنه سيدفن في رمال غزة جنوده، وستبدد شواطئه أحلامه.

يوم الشهيد الإماراتي ملحمة وطن تُسقى بدماء الأبطال
منوعات

يوم الشهيد الإماراتي ملحمة وطن تُسقى بدماء الأبطال

  بقلم د : خالد السلامي 30-11-2024 في تاريخ كل أمة، هناك لحظات تتجاوز الزمن، تتحول فيها الأيام إلى رموز خالدة تروي للأجيال قصص التضحية والفداء. يوم الشهيد في دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي يوافق الثلاثين من نوفمبر كل عام، ليس مجرد ذكرى أو مناسبة وطنية عابرة، بل هو يوم تُسطّر فيه بطولات رجال ونساء […]

اقرأ المزيد
The Holiday Gallery: تجربة مميزة لعيد الميلاد في النقاش من تنظيم In Action Events
منوعات

The Holiday Gallery: تجربة مميزة لعيد الميلاد في النقاش من تنظيم In Action Events

مع عودة الحياة تدريجياً إلى طبيعتها، يسعى معرض The Holiday Galleryإلى إدخال أجواء الفرح والدفء إلى القلوب، مقدّمًا مساحة احتفالية وفرصة لدعم المصممين المحليين والأعمال الصغيرة. يُقام المعرض من 5 إلى 12 كانون الأول في قلب منطقة النقاش، محاطًا بأرقى المطاعم، ليخلق تجربة تسوق ساحرة بروح العيد. يوميًا من الساعة 11 صباحًا حتى 10 مساءً، […]

اقرأ المزيد
الدكتور خالد السلامي يحصد عضوية المنظمة الأمريكية للعلوم والأبحاث
منوعات

الدكتور خالد السلامي يحصد عضوية المنظمة الأمريكية للعلوم والأبحاث

علاء حمدي حصل المستشار الدكتور خالد السلامي، الإماراتي الجنسية، على عضوية المنظمة الأمريكية للعلوم والأبحاث. في خطوة تعكس مكانته العلمية المتميزة ودوره الفاعل في دعم الأبحاث والابتكار، تأتي هذه العضوية تقديراً لمسيرته المهنية والعلمية الزاخرة بالإنجازات، إذ يُعد الدكتور خالد أحد أبرز الشخصيات الإماراتية التي ساهمت في مجالات متعددة، سواء من خلال عمله في المؤسسات […]

اقرأ المزيد